من الأصول المسلمة فى المحاكمات جميعاً ،
جنائية كانت أو تأديبية ، أنه إذا تعدد المحاكمون فلا مندوحة من تجميعهم لدى
المحاكمة أمام جهة واحدة ، و ذلك لحكمة ظاهرة توجبها المصلحة العامة ؛ إذ لا يخفى
ما فى تعدد المحاكمات أمام جهات مختلفة من إحتمال التضارب فى الأحكام أو الجزاءات
و ما فيه من تطويل و تكرار و ضياع وقت فى الإجراءات و غير ذلك بما لا يتفق و
الصالح العام ؛ و من أجل ذلك كانت نظرة الشارع دائماً متجهة إلى توحيد جهة
المحاكمة بالنسبة لهم جميعاً . و آية ذلك - فى مجال المحاكمات التأديبية - ما نصت
عليه المادة 24 من القانون رقم 117 لسنة 1958 ، عند تعدد المحاكمين المتهمين
بإرتكاب مخالفة واحدة أو مخالفات مرتبط بعضها ببعض و كانوا يتبعون فى الأصل جهات
متعددة فى المحاكمة ، إذا إتخذت ضابطاً معيناً يقوم على أساسه توحيد جهة المحاكمة
، و هو أولاً الجهة أو الوزارة التى وقعت فيها المخافة أو المخالفات المذكورة ، أو
بعبارة أخرى مكان إرتكابها ، فإن تعذر ذلك تكون المحاكمة أمام المحكمة المختصة
بالنسبة للوزارة التى يتبعها العدد الأكبر من الموظفين ، أى إتخذت ضابطاً ثابتاً
هو أغلبية المحاكمين التابعين بحكم وظيفتهم لجهة واحدة ، فإن تساوى العدد عين رئيس
مجلس الدولة المحكمة المختصة بقرار منه ، كما بينت المادة 25 من القانون المذكور
الضابط الذى على أساسه يقوم توحيد جهة المحاكمة التأديبية إذ ما إختلف الموظفون
المتقدمون للمحاكمة فى المستوى الوظيفى ؛ فنصت فى فقرتها الثانية على أنه " و
إذا تعدد الموظفون المقدمون للمحاكمة كانت المحكمة المختصة بمحاكمة أعلاهم درجة هى
المختصة بمحاكمتهم جميعاً " . و كذلك فى مجال المحاكمات الجنائية ، فإن
الشارع يتجه دائماً إلى توحيد المحاكمة إن تعدد المحاكمون بناء على الضوابط التى
يعينها و التى تقوم إما على مكان وقوع الجريمة ، أو مرتبة الجهة القضائية كولاية
محكمة الجنايات فى نظر الجنحة تبعاً لإختصاصها بنظر الجناية المرتبطة بالجنحة ، أو
غير ذلك من الضوابط . و كل أولئك قاطع فى
الدلالة على أن الأصل المسلم به عند تعدد المحاكمين هو وجوب تجميعهم أمام جهة
واحدة فى المحاكمات ؛ للإعتبارات التى تقتضيها المصلحة العامة حسبما سلف إيضاحه .
و لذلك فإنه لما كان القانون رقم 117 لسنة 1958 بشأن إعادة تنظيم النيابة الإدارية
و المحاكمات التأديبية فى الإقليم المصرى قد سكت عن تعيين المحكمة أو جهة المحاكمة
التأديبية إذا ما تعدد المحاكمون و كان بعضهم من الخارجين عن الهيئة أو من العمال
و العض الآخر من الداخلين فى الهيئة ،فإنه - بناء على الأصل المتقدم و نزولاً على
الحكمة التى يقوم عليها الأصل ، و هى حكمة ترتبط بالمصلحة العامة - يجب ان تكون
محاكمة الخارجين عن الهيئة و العمال أمام المحكمة التأديبية التى تختص بمحاكمة
الموظفيمن الداخلين فى الهيئة ؛ قياساً على ما نصت عليه المادة 25 من القانون
المذكور فى حالة إختلاف المحاكمين فى المستوى الوظيفى ؛ إذ جعلت الإختصاص للجهة
التى تختص بمحاكمة أعلاهم درجة . و ليس من شك أن الموظف الداخل فى الهيئة بوجه عام
هو فى التدرج الوظيفى أعلى من الخارج عن الهيئة أو العمال ؛ و لذا كانت الضمانات
لمحاكمته تأديبياً أقوى و أوفى ؛ و بهذه المثابة يتبع المستخدم خارج الهيئة أو
العامل تلك المحكمة التأديبية فى المحاكمة ، و لا يضيره ذلك ، بل هى ضمانة يفيد
منها تبعاً .
الطعن رقم 0288 لسنة 05 مكتب فنى 04 صفحة رقم 1297
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق