الأربعاء، 24 أبريل 2019

اختصاص المحكمة التأديبية


من الأصول المسلمة فى المحاكمات جميعاً ، جنائية كانت أو تأديبية ، أنه إذا تعدد المحاكمون فلا مندوحة من تجميعهم لدى المحاكمة أمام جهة واحدة ، و ذلك لحكمة ظاهرة توجبها المصلحة العامة ؛ إذ لا يخفى ما فى تعدد المحاكمات أمام جهات مختلفة من إحتمال التضارب فى الأحكام أو الجزاءات و ما فيه من تطويل و تكرار و ضياع وقت فى الإجراءات و غير ذلك بما لا يتفق و الصالح العام ؛ و من أجل ذلك كانت نظرة الشارع دائماً متجهة إلى توحيد جهة المحاكمة بالنسبة لهم جميعاً . و آية ذلك - فى مجال المحاكمات التأديبية - ما نصت عليه المادة 24 من القانون رقم 117 لسنة 1958 ، عند تعدد المحاكمين المتهمين بإرتكاب مخالفة واحدة أو مخالفات مرتبط بعضها ببعض و كانوا يتبعون فى الأصل جهات متعددة فى المحاكمة ، إذا إتخذت ضابطاً معيناً يقوم على أساسه توحيد جهة المحاكمة ، و هو أولاً الجهة أو الوزارة التى وقعت فيها المخافة أو المخالفات المذكورة ، أو بعبارة أخرى مكان إرتكابها ، فإن تعذر ذلك تكون المحاكمة أمام المحكمة المختصة بالنسبة للوزارة التى يتبعها العدد الأكبر من الموظفين ، أى إتخذت ضابطاً ثابتاً هو أغلبية المحاكمين التابعين بحكم وظيفتهم لجهة واحدة ، فإن تساوى العدد عين رئيس مجلس الدولة المحكمة المختصة بقرار منه ، كما بينت المادة 25 من القانون المذكور الضابط الذى على أساسه يقوم توحيد جهة المحاكمة التأديبية إذ ما إختلف الموظفون المتقدمون للمحاكمة فى المستوى الوظيفى ؛ فنصت فى فقرتها الثانية على أنه " و إذا تعدد الموظفون المقدمون للمحاكمة كانت المحكمة المختصة بمحاكمة أعلاهم درجة هى المختصة بمحاكمتهم جميعاً " . و كذلك فى مجال المحاكمات الجنائية ، فإن الشارع يتجه دائماً إلى توحيد المحاكمة إن تعدد المحاكمون بناء على الضوابط التى يعينها و التى تقوم إما على مكان وقوع الجريمة ، أو مرتبة الجهة القضائية كولاية محكمة الجنايات فى نظر الجنحة تبعاً لإختصاصها بنظر الجناية المرتبطة بالجنحة ، أو غير ذلك من الضوابط .  و كل أولئك قاطع فى الدلالة على أن الأصل المسلم به عند تعدد المحاكمين هو وجوب تجميعهم أمام جهة واحدة فى المحاكمات ؛ للإعتبارات التى تقتضيها المصلحة العامة حسبما سلف إيضاحه . و لذلك فإنه لما كان القانون رقم 117 لسنة 1958 بشأن إعادة تنظيم النيابة الإدارية و المحاكمات التأديبية فى الإقليم المصرى قد سكت عن تعيين المحكمة أو جهة المحاكمة التأديبية إذا ما تعدد المحاكمون و كان بعضهم من الخارجين عن الهيئة أو من العمال و العض الآخر من الداخلين فى الهيئة ،فإنه - بناء على الأصل المتقدم و نزولاً على الحكمة التى يقوم عليها الأصل ، و هى حكمة ترتبط بالمصلحة العامة - يجب ان تكون محاكمة الخارجين عن الهيئة و العمال أمام المحكمة التأديبية التى تختص بمحاكمة الموظفيمن الداخلين فى الهيئة ؛ قياساً على ما نصت عليه المادة 25 من القانون المذكور فى حالة إختلاف المحاكمين فى المستوى الوظيفى ؛ إذ جعلت الإختصاص للجهة التى تختص بمحاكمة أعلاهم درجة . و ليس من شك أن الموظف الداخل فى الهيئة بوجه عام هو فى التدرج الوظيفى أعلى من الخارج عن الهيئة أو العمال ؛ و لذا كانت الضمانات لمحاكمته تأديبياً أقوى و أوفى ؛ و بهذه المثابة يتبع المستخدم خارج الهيئة أو العامل تلك المحكمة التأديبية فى المحاكمة ، و لا يضيره ذلك ، بل هى ضمانة يفيد منها تبعاً . 
الطعن رقم  0288     لسنة 05  مكتب فنى 04  صفحة رقم 1297


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مستشار عقاري

﴿ المستشار العقاري ﴾ الفكرة ابتدت من خلال شغلنا فى المجال المحاماتي و الحقوقي بالمحاكم للعديد من القضايا فكنا بنقابل مشاكل عملاء وموكلين...